اتفاقية بريتون وودز

20 مارس 2019
6
0
0
اتفاقية بريتون وودز
قبل خروجها منتصرة من الحرب العالمية الثانية بعام واحد، بدأت أمريكا تعما على انشاء نظام عالمي اقتصادي جديد، تقبع فيه وعملتها -الدولار- في رأس الهرم، وقد حصل ذلك عن طريق اتفاقية ‘بروتون وودز’ الاسم الشائع لمؤتمر النقد الدولي، الذي انعقد سنة 1944م.


بادرت الحكومة الأمريكية الى دعوة 44 دولة للاجتماع في يوليو/تموز بمدينة بريتون وودز في ولاية ‘نيوهامشر‘, بغية تأمين الاستقرار والنمو الاقتصادي العالمي. واستمر انعقاد المؤتمر لما يزيد عن 22 يوما، تم خلالها عقد عدد كبير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تنظم التجارة العالمية الدولية وامداد الدول الأعضاء بالسيولة الكافية، وأيضا تضمن عدم فرض القيود والعوائق في وجه المعاملات الدولية.

انتهى المؤتمر بعدة نتائج، وكانت أهمها: اعتماد الدولار الأمريكي كمرجع رئيسي لتحديد سعر عملات الدول الأخرى. ويمكن القول بأن هذه الاتفاقية هي التي كان لها الفضل في تشكيل نظام الصرف الأجنبي، وتشكيل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتعمير والتنمية، كما رسخت سيطرة الدولار الأمريكي على العملات الأخرى، ومنذ ذلك الحين، أصبح الدولار أهم وأقوى عملة مالية واقتصادية، حيث باتت كل الدول ترجع اليها لتحديد قيمة عملاتها، مما جعلها تحتل قمة الهرم.

منذ البداية، كان الهدف من الاتفاقية إيجاد نوع من الثبات في السياسات النقدية وأسعار الصرف والتبادل بين مختلف دول العالم، عبر وضع البنية التحتية لنقل رؤوس الأموال بين الدول كأساس لتسهيل التبادلات التجارية الدولية.

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى’ كانت الولايات المتحدة الأمريكية البلد الوحيد المسيطر على معدن الذهب بنسبة تفوق 70 بالمائة, وكانت عملتها هي الوحيدة على مستوى العالم التي تمت تغطيتها بالذهب, فالدول الأخرى لم تستطع بسبب حصول مشاكل مالية لها, ولعل أغلبها التضخم, ولهذا عملت العديد من تلك الدول بجمع وتكديس الدولارات الأمريكية بهدف استبدالها ذهبا في المستقبل, وهذا ما سمي ب: احتياط الذهب, وصار عدد كبير من دول العالم يلجأ الى استخدام الدولار كعملة احتياطية, وهكذا سيطرت أمريكا على اقتصاد العالم, ومن هنا استمدت قوتها الاقتصادية.

تمخض مؤتمر ‘بريتون وودز’ في البداية عن ولادة صندوق النقد الدولي، الذي أرسى مجريات نظام النقد الدولي لعام ما بعد الحرب. كانت أهداف صندوق النقد الدولي تتحدد بتشجيع التعاون النقدي الدولي، والعمل على تحقيق تجارة دولية نامية ومتوازنة، وتجنب فرض القيود والجبايات على السلع والخدمات الخارجية، وكذا الوصول الى نظام تتعدد فيه الدول الأعضاء. وبموجب أحكامه، وضع صندوق النقد الدولي قانونا ينص على ضرورة تحديد قيمة تبادل العملة الوطنية لكل دولة، بالنسبة الى الذهب أو الدولار الأمريكي، وذلك على أساس وزنه وعياره، فالدولار الواحد يعادل 0.8867 غراما من الذهب الصافي.

على العموم كان أساس هذا النظام هو اتخاذ الدولار الأمريكي كعملة دولية بسبب قابلية تحويله الى ذهب، على أساس سعر صرف ثابت.

كذلك تمخض المؤتمر عن ميلاد البنك الدولي للتعمير والتنمية، والذي بدأ في ممارسة نشاطاته بدءا من سنة 1946م، يظهر من خلال اسمه أن الهدف من انشائه هو المساعدة في عمليات البناء وإعادة التعمير وانشاء منشئات صناعية وغيرها، وذلك إثر ما خلفته الحرب العالمية الثانية من خسائر.

وختاما، كانت اتفاقية ‘بريتون وودز’ بداية لقوة اقتصاد أمريكا،وبداية لهيمنة الدولار الأمريكي على مختلف العملات. وتحت ظل ذلك، يميل أغلب رجال الاقتصاد الى القول بأن جزءا من الازدهار والنمو الذي شهده الاقتصاد العالمي في عام ما بعد الحرب، كله يعود الى اتفاقية بريتون وودز بمختلق تغييراتها والياتها.

http://binsufyen.com/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D9%88%D9%86-%D9%88%D9%88%D8%AF%D8%B2/


تقبل تحياتي / محمد بن صفيان
@aloseeimi